التنجيم و الفلك

رصد الإنسان البدائي ، النجوم عبر عصور طويلة. واستطاع مع مرور الزمن ملاحظة ثبات مواقعها النسبي مع وجود توافقات دورية بين ظهورها والتغيرات الفصلية على الأرض. ومع تطور معتقداته وأساطيره بدأت تتشكل في السماء إسقاطات إنسانية تمثلت في تجمعات مميزة من النجوم. واعتقد الإنسان عبر كافة الثقافات أنها تمثل القوى التي تحكم الطبيعة، وأن لها تأثيراً مباشراً على حياة الإنسان، ثم إلى تحديد مصير الفرد إن ما نسميه اليوم التنجيم. هو أحد انتاجات الإنسان القديم بالنجوم ألا وهو التنبؤ بمصير البشر وتحديد الصفات الفردية لكل منهم بدراسة التأثيرات التنجيمية.
و يختلف التنجيم كما معروف اليوم عن علم الفلك اختلافًا جذريًا. فعلم الفلك هو دراسة طبيعة و حركات النجوم والكواكب والكون عموماً. ويعتبر الفلكيون أن التنجيم ليسا علما و غير منطقي، و لكن التنجيم كان في القرن السابع عشر فرعا في علم الفلك. و المعلوم أن التنجيم مرتبط بالفلك كأنه أحد من جذوره. و على العلم لا يزال إلى هذا اليوم كثيرون ممن يمارسون التنجيم .
فكيف يؤثر التنجيم على حياة الإنسان؟. وكيف نشأ وتطور مورثه؟
* التنجيم:
البرج فهو أساس التنجيم، فهو يصف التشكيلات السماوية لحظة ولادة فرد ما، ويُحدَّد هذا التشكيل بنوعين من النجوم على القبة السماوية الثابتة أي النجوم، والمتحركة أي الكواكب. فالدائرة البروجية تقسم إلى 12 جزءًا كل منها محدد برجا معينا،بحيث تقسم كل منطقة إلى ثلاثة أجزاء حسب الصفات، و أيضا إلى الأربعة خاصيات حسب المحتوى الأقسام الثلاثة.
في الدائرة الأبراج يمثل البرج المركز الإهتمام
النجم الذي يشرق لحظة الولادة. بالإضافة إلى موضع الشمس يحب أن يشمل الطالع على موضع القمر و الكواكب الثمانية بالنسبة إلى دائرة البروج. إن البرج بذاته وصفي بحت ويجب بالتالي أن نميزه بوضوح عن التفسيرات التي ترافقه في التنجيم. فهذا التفسير يتعلق من جهة بالنمطية النفسانية عندما نعتبر أن مواضع الكواكب والشمس والقمر التي يعطيها البرج تحدد شخصية الفرد ومن جهة ثانية بالتنبؤ حيث تعتبر حركة النجوم محددة لمصير الفرد.
*التنجيم و العلم:
تشير الإحصاءات أو الأبحاث إلى أن اهتمام الجمهور يزداد بشكل مطرد بالتنجيم فقد كشف إحصاء
عام 1982 في فرنسا أن 53 % من الفرنسيين يعتقدون أن التنجيم علم. و كشف إحصاء SOFRES
عام 1975 أن ربع الشعب الأمريكي يؤمن بالتنجيم. وتصل هذه النسبة إلى الثلث بين طلاب الجامعات. ف70% Gallup
النساء و 50 % من الرجال يطالعون بين الحين والأخر على حظهم في الجرائد و المجالات و المواقع المتخصصة في هذا المجال. ويعتقد باحثون كثيرون أن تفسير جماهيرية التنجيم يرجع إلى نفسيّة الشعوب و الظروف المحيطة بهم. فمعظم الذين يبحثون عن حظهم يخفون في لاوعيهم أملاً أو وعداً و حاجة يأملون بتحققه. ويكون بعضهم غير راضعن حياته ويأمل أن يأتيه الحل لمشاكله من الغيب الذي تكشفه له عوالم النجوم. وقد يريد بعضهم تبديد الشكوك والمخاوف التي تحيط بقرار ما تريد اتخاذه. ويكون القرار بالتالي مرتكزاً على مرجع خارج فكأنما يريح الإنسان بذلك نفسه من تحمل مسؤولية ما سينجم عن قراره.
* التنجيم رمزية السماء:
إن التوافق الكبير والمدهش الذي تشكله القبة السماوية وحركة النجوم فيها وهندسة اتجاهاتها، هو الذي أوحى بأنه يحكم
مصير الفرد ويقيس و يحدد مواقيت الأحداث ومصائر الإمبراطوريات و التاريخ. إن أول ما تفتحت عليه النفوس البشرية كانت السماء التي عكست ما في الأعماق الإنسان من اتساع و عمق ووحدة. فإلى ما وراء هذه الأساطير كلها مسقطة على السماء هناك هذه الحركة المنتظمة دائماً لكل نجومها و أفلاكها. وشيئاً فشيئاً حلّت التأملات الفلكية محل الإسقاطات التنجيمية لتعطي لأسطورة البشرية توازناً بين السماء الخارجية و السماء الداخلية. فمن أفلاطون إلى بطلميوس،ومن أريستارخوس إلى كوبرنيكوس وكبلر لم تحجب الرمزيات السماوية ملاحظة انتظام الحركات الكوكبية والنجمية.